استغلال شركات التوظيف- ضبابية الحقوق وإجحاف الرواتب للموظفين

المؤلف: عقل العقل08.21.2025
استغلال شركات التوظيف- ضبابية الحقوق وإجحاف الرواتب للموظفين

سوق العمل يتسم بالديناميكية والتقلبات المتسارعة نتيجة لعوامل عديدة ومؤثرات متنوعة، لا سيما في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المواسم، مثل السياحة والخدمات المرتبطة بها خلال فترات معينة من العام، حيث يزداد الطلب على العمالة بشكل ملحوظ، تلجأ بعض المؤسسات والشركات إلى الاستعانة بشركات توظيف متخصصة للقيام بمهام التوظيف نيابة عنها، وذلك لأسباب مختلفة، أبرزها الحاجة الماسة والعاجلة إلى الكفاءات البشرية المؤهلة في أسرع وقت ممكن، مع ضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة وتوفير الوقت والجهد والتكاليف التي قد تنجم عن الإعلانات والمقابلات الشخصية المطولة، بالإضافة إلى تجنب تحمل أعباء إنهاء عقود العمل مع الموظفين الذين تم استقدامهم عن طريق هذه الوكالات المتخصصة. شركات التوظيف هذه، المنتشرة في العديد من دول العالم، بما في ذلك منطقتنا، قد تمارس في بعض الأحيان ضغوطًا غير مبررة على الباحثين عن عمل، حيث تفتقر إلى الشفافية في توضيح الجهة التي سيتم توقيع العقد معها، مما يدفعها إلى استقطاب الموظفين وإيهامهم بأنهم سيعملون لدى مؤسسات حكومية مرموقة أو شركات كبرى ذات صيت واسع، وبعد اجتياز المقابلات وقبول العرض، يتفاجأ الموظفون بأن عقودهم ليست مع الشركات التي تم الإعلان عنها، وأن رواتبهم متدنية للغاية مقارنة بزملائهم في تلك المؤسسات والشركات الأصلية، حيث قد لا تتجاوز 20% من رواتبهم، مما يخلق فجوة شاسعة وإجحافًا واضحًا في الحقوق الوظيفية والتأمين الصحي والمزايا المالية الأخرى، بالإضافة إلى عدم وجود مرجعية واضحة في حال نشوب خلافات وظيفية مع الشركة التي يعملون لديها. إن شركات التوظيف من الباطن أو التوظيف الثالث هي المستفيد الأكبر في هذه العملية، حيث تقدم رواتب زهيدة لطالبي العمل وتحصل في المقابل على مبالغ طائلة من عملائها، لذا، من الضروري إرساء مبادئ الشفافية والوضوح في دور هذه الشركات الوسيطة، وحماية حقوق الموظفين عن طريق توضيح جميع الحقوق والواجبات قبل البدء في العمل، فالبعض قد يترك وظيفته الحالية بناءً على إعلان أو اتصال من مؤسسة أو شركة مرموقة ترغب في استقطابه، ليكتشف في النهاية بعد توقيع العقد أنه يعمل لدى شركة توظيف ثالثة وليس لدى الشركة التي طالما حلم بالانضمام إليها. ولا يعفي هذا الهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص المحترمة من مسؤولياتها الوطنية في توظيف المواطنين بشكل مباشر ومنحهم جميع الحقوق والمزايا التي يتمتع بها بقية الموظفين. إن الإشكالية التي تواجه الموظفين العاملين عن طريق هذه الشركات الوسيطة تكمن في عدم معرفة صاحب العمل الحقيقي، مما يوقعهم في منطقة رمادية يكتنفها الضعف في حال إنهاء عقودهم، وغالبًا ما يتم ذلك دون سابق إنذار أو الحصول على مستحقات نهاية الخدمة، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بوجود رقابة على هذه الشركات، إلا أن هناك العديد من القصص المؤلمة التي يعيشها الموظفون العاملون عن طريقها، ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى أن موظفي هذه الشركات الذين يقومون بإجراء المقابلات مع الموظفين الجدد لعملاء شركتهم، والذين غالبًا ما يكونون من جنسيات أخرى، يتميزون بالتعامل المتعجرف وعدم الوضوح.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة